روايات

رواية حبيسة قلبه المظلم الفصل الأربعون 40 بقلم سارة علي

رواية حبيسة قلبه المظلم الفصل الأربعون 40 بقلم سارة علي

رواية حبيسة قلبه المظلم الجزء الأربعون

رواية حبيسة قلبه المظلم البارت الأربعون

حبيسة قلبه المظلم
حبيسة قلبه المظلم

رواية حبيسة قلبه المظلم الحلقة الأربعون

كان المشهد مثيرا للغثيان ..
زوجها يقف وأمامه شقيقة صديقتها التي عهدتها دائما كأخت صغيرة لها ، تقف أمام زوجها بملابسها الداخليه العلوية في منظر مثير للنفور والإشمئزاز …
لقد جائت صدفة الى الشقة عندما وجدت الباب مفتوح وصوتهما يتسرب الى مسامعها ..
عرضها الصادم ورفضه الذي سمعته في أذنها ورغم هذا لم تتقبل الصورة التي وجدته عليها وقلبها ينتفض داخل أضلعها يخبرها بوجود شيء ما بينهما ..
إنكمشت في مكانها عندما وجدته يتقدم نحوها وهو يهمس بإسمها بخفوت بينما مريم سارعت تجذب قميصها وترتديه ثم تركض خارج الشقة بأقصى سرعتها خجلا من هذا الموقف الحقير التي وضعت نفسها به ..
” شيرين ..”
قالها عمار وهو يحاول لمس ذراعها فتنأى به بعيدا عنه ليهمس بترجي :-
” أقسم لكِ إنه لم يحدث شيء مما تفكرين به …”
أضاف بجدية :-

 

” هي من عرضت نفسها علي وأنا رفضت …”
رمشت بعينيها وهي تردد مخفية دموع ترقرقت بهما :-
” لماذا ..؟! لماذا فعلت مريم شيئا كهذا ..؟!”
رد بصدق :-
” تظن إنها بهذه الطريقة ستنال تلك الشيكات التي وقعت شقيقتها عليها …”
” آية شيكات ..؟!”
سألته مرغمة رغم وجعها ليجيب بتروي :-
” شيكات قيمتها سبعة ملايين دولار تخص ليلى .. يعني يجب أن تسددها في أقرب وقت وإلا ستحدث مشكلة كبيرة وتلك الصغيرة أتت وعرضت نفسها علي مقابل التنازل عن تلك الشيكات ..”
سألته بعدم إستيعاب :-
” وكيف تجرؤ وتفعل شيئا كهذا ..؟؟ كيف تعرض جسدها عليك بكل بساطة ..؟!”
أكملت ونظراتها تحاوطه كليا :-
” كيف تتجرأ مريم وتقدم على تصرف كهذا إن لم يكن هناك شيئا ما دفعها لذلك .. شيئا جعلها تتوقع قبولك ..”
سألها بجمود :-
” ماذا تقصدين ..؟!”
سألته هذه المرة بقوة وتصميم على معرفة الحقيقة :-
” مالذي يوجد بينك وبين مريم يا عمار ..؟!”
هتف بضيق :-
” لا يوجد شيء بيننا يا شيرين .. هي تصرفت بهذه الطريقة الهوجاء دون تفكير .. فتاة طائشة و ..”

 

قاطعته :-
” مريم لم تكن لتجرؤ وتفعل شيئا كهذا إلا إذا ..”
قاطعها ببرود :-
” إلا إذا ماذا ..؟!”
أكمل بجدية :-
” أنا هددت شقيقتها .. وهي أرادت إنقاذها .. هكذا فقط ..”
صاحت بعدم تصديق :-
” بهذه الطريقة ..؟! تنقذ شقيقتها بهذه الطريقة ..”
رد بلا مبالاة :-
” نعم بهذه الطريقة .. لا يوجد طريقة أخرى أمامها سوى هذه …”
ضحكت غير مصدقة :-
” بأن تعرض جسدها عليك .. هذه الطريقة المناسبة حقا .. قل شيئا غير هذا من فضلك يا عمار ..؟!”
تمتم بضيق :-
” ماذا تريدين مني قوله يا شيرين ..؟!”
ردت وعي تعقد ذراعيها أمام صدرها بتحدي :-
” ماذا يجري بينك وبين مريم يا عمار ..؟! مريم ما كانت لتلجأ الى تصرف كهذا إلا إذا ما كان هناك شيء حدث بينكما مسبقا .. شيء دفعها للتجرؤ والإقدام على خطوة كهذه ..”
سألها مستهزئا عن قصد :-
” شيء مثل ماذا ..؟!”
تقدمت نحوه تهتف بثبات :-
” إعجاب أو رغبة صريحة من طرفك ..”
صاح بإنزعاج :-
” هذا هراء ..”
أكمل بحنق:-

 

” أنا لا أفهم علام تحاسبيني بالضبط ..؟! الفتاة أتت بنفسها هنا وعرضت نفسها علي وأنا رفضت .. لماذا ترمين الخطأ علي بينما هي من أتت وفعلت كل هذا ..؟!”
صاحت بدموع :-
” لإنني أعرفك وأعرفها جيدا .. لإنني متأكدة إنك فعلت شيئا غير التهديد جعلها تقدم على ذلك … جعلها تعرض جسدها عليك ..”
أضافت بثقة :-
” لا توجد إمرإة تعرض نفسها على رجل إلا إذا ما شعرت برغبته نحوها مسبقا ومريم بالتأكيد تعلم إنك ترغبها وبالتالي أرادت أن تنقذ شقيقتها بأي طريقة ..”
ضحك مرددا بعدم إستيعاب :-
” انت تبررين لها حقا يا شيرين ..؟! تبررين لها وتلقين اللوم علي …؟! هي من أخطأت و تصرفت بطريقة لا تمت للإحترام بصلة وانت ..”
قاطعته وهي تمسح وجهها بكفيها :-
” أنا أعرف مريم جيدا .. لو لم تكن مضطرة ما كانت لتفعل هذا ..”
قال بجدية :-
” في هذه النقطة أنا متفق معك .. هي بالفعل كانت مضطرة عندما هددت شقيقتها ..”
قاطعته بعدما أخذت نفسا عميقا :-
” أخبرني الحقيقة يا عمار .. ماذا يحدث بينك وبين مريم ..؟! ماذا فعلت بها ..؟؟ بأي طريقة عبثت معها ..؟!”
ضرب كفا بكف وهو يقول :-
” انا حتى الآن لا أستوعب ما تقولينه … انت تحاسبينني أنا وتلقين جميع اللوم علي بينما هي من فعلت كل شيء وأقدمت على هذا التصرف المشين ..”
صاحت بألم :-
” لإنني أعرفك .. أعرفك أكثر من نفسك حتى .. أعرفك يا عمار .. ”
تنهد وهو يقول مرغما :-
” والحل يا شيرين ..؟! انا لا علاقة لي بهذا الأمر وما حدث بتاتا .. ”
رمقته بنظراتها وهي تردد بخذلان :-
” لا يوجد حل يا عمار … انت خذلتني وإنتهى الأمر ..”
تحركت خارج الشقة ودموعها تتساقط على وجنتيها بحرارة بينما يجري هو خلفها ينادي عليها حتى جذبها من ذراعها وأوقفها أمامه مرددا بتوسل :-

 

” إسمعيني من فضلك ..”
تأمل عينيها الباكيتين ليردد بترجي :-
” لا تبكي من فضلك .. أنا لا أتحمل رؤية دموعك ..”
” اتركني يا عمار ..”
قالتها وهي تدفعه بعيدا لكنه تمسك بها يرغمها على النظر إليه عندما هم بالتحدث لكن رنين هاتفه أوقفه فقال وهو يخرجه من جيبه :-
” إنتظري لحظة ..”
تأمل إسم إبن عمه الذي يضي الشاشة فتعجب من هذا الإتصال الغريب عندما أجابه فيأتيه صوت شريف مرددا :-
” أين أنت يا عمار ..؟! هناك من خطف غالية .. يجب أن تأتي فورا ..”
………………………………………………..
وقفت مكانها حائرة لا تعرف ما عليها أن تفعل ..
هل تغادر المكان وتتجاهل صوت الرصاصة الذي صدح منذ ثواني أم تعود وترى ما حدث ..؟!
همت بالتحرك بعيدا عندما عادت تتوقف في مكانها فتستدير قليلا نحو الخلف تنظر الى المكان بخوف تملك منها قبل أن تندفع عائدة من حيث أتت وإنسانيتها لا تسمح لها أن تهرب وتتركه خلفها وربما قد أصابه أخوه برصاصة غادرة ..
دلفت الى الداخل لتشهق لا إراديا عندما رأت فراس الممدد على الأرض والألم يسكن ملامح بينما الدماء تخرج من ساقه ليستدير فادي نحوها يصيح بها بعدم إستيعاب :-
” ماذا تفعلين هنا ..؟! غادري فورا …”
همست بتلعثم وهي تحيد بصرها عن عيني فراس المشتعلتين :-
” أتيت لأرى ما حدث .. إتصل بالإسعاف بسرعة ..”
هتف بصرامة :-
” غادري فورا يا غالية .. هيا بسرعة ..”
سألت بعدم إستيعاب :-

 

” ساقه تنزف و ..”
قاطعها وهو يتقدم نحوها بملامح مخيفة :-
” لماذا لا تستوعبين كلامي ..؟! غادري فورا ..”
رمقته بنظرات فزعة وهي تقفز هربا من أمامه وقد بدت ملامحه في تلك اللحظة مرعبة لدرجة لا يمكن تصورها ..
إستدار نحو أخيه الذي تحدث أخيرا بنبرة متوجعة :-
” هل إرتحت الآن ..؟! تضرب أخيك بالرصاص لأجل تلك الفتاة ..”
رد فادي بقوة وثبات :-
” ليس لأجلها .. بل بسبب أفعالك الدنيئة ..”
أكمل وعيناه ترمقانه بنفور :-
” تحملت الكثير من تصرفاتك الحقيرة .. علاقاتك النسائية وقرفك الذي لا ينتهي .. تمهلت كثيرا وأنا أخبر نفسي إنك أخي الأكبر وعلي تفهمك وتقبلك رغم تصرفاتك التي لا أتقبلها لكن أن يصل الأمر الى قتل وإغتصاب .. جرائم لا تغتفر .. لا وألف لا يا فراس .. عند هذه النقطة لن أتردد بالوقوف أمامك ومواجهتك بنفسي .. ”
أكمل وهو يسير نحوه ثم يقف أمامه يرمقه بنظرات حادة :-
” هذه المرة صوبت رصاصتي نحو ساقك .. المرة القادمة سأوجها نحو قلبك ..”
همس فراس بعدم إستيعاب وقد بدأ الدوار يسيطر عليه :-
” تقتل أخيك يا فادي ..؟!”
رد فادي بنفور صريح :-
” إذا كنت تستحق سأفعل .. هذا أفضل من تركك ترتكب الجرائم بحق الآخرين بهذه الطريقة ..”
أكمل وهو يضربه على صدوه فيتأوه فراس بوجع :-
” الفتاة تموت في المشفى بسببك .. والأخرى كادت أن تخسر شرفها على يديك .. طوال هذه السنوات لم أدرك إن لدي أخ يحمل هذا القدر من الدناءة والإجرام ..”
” فادي …”
قالها فراس بضعف خيم عليه فأكمل فادي غير مباليا بحالته التي بدأت تتدهور وفكرة إن هناك فتاة تصارع الموت بسببه تحرقه دون رحمة :-

 

” الفتاة تموت يا فراس.. تموت أيها النذل .. ماذا أفعل بك أخبرني ..؟؟ ماذا أفعل يا فراس ..؟!”
أكمل وهو يضع كفه فوق كتفه يضغط عليه بقوة :-
” قسما بربي إذا توفيت الفتاة فلن أتردد لحظة واحدة في جرك نحو حبل المشنقة …”
أنهى كلماته وهو يدفعه بعيدا قبل أن يسحب هاتفه يجري بعض الإتصالات لأجل نقله نحو المشفى ..
……………………………………………………
كانت تجلس على الكرسي أمام الطبيب وجانبها تقف بوسي تستمع الى كلام الطبيب الذي يردد مبتسما بهدوء :-
” مبدئيا لا داعي للقلق .. غالبا ما حدث تشنج عصبي حاد .. ”
سألها بعدها بإهتمام :-
” هل كنت تعانين من مشكلة ما في الأونة الأخيرة أو تعرضتِ لضغوطات نفسية ..؟!”
أجابت بوسي نيابة عنها :-
” في الحقيقة نعم ، هي سمعت خبرا سيئا تسبب لها بهذه النوبة .”
قال الطبيب بعملية :-
” هذا ما توقعته .. من الواضح إنها نوبة عصبية حادة ..”
صمت للحظة ثم قال متأملا ملامح ليلى الجامدة تماما وكأن الكلام لا يعنيها :-
” ولكن لأجل الإطمئنان سوف نجري بعض الفحوصات لك كي نتأكد من سلامتك …”
نظرت بوسي نحو ليلى الساهمة تماما فعادت تنظر نحو الطبيب وهي تردد مبتسمة بلباقة :-
” بالطبع يا دكتور .. ”
سحب الطبيب ورقة وكتب فيها بضعة فحوصات ثم أعطاها لبوسي التي أخذتها ثم أشارت الى ليلى التي نهضت وسارت أمامها خارج الغرفة تتبعها بوسي بعدما شكرت الطبيب ..
كانت بوسي تسير بجانبها وهي تردد :-

 

” عليك أن تقومي بهذه الفحوصات يا ليلى لنطمئن عليك ..”
أكملت وهي تبتسم بحذر :-
” أعتذر لإنني تسببت لك بهذا …”
توقفت كلتاهما فأكملت وهي تنظر حولها :-
” لنسأل عن مكان إجراء الفحوصات ..”
لكنها توقفت على كف ليلى وهي تقبض على ذراعها مرددة من بين أسنانها :-
” لا أريد رؤية وجهك مرة أخرى .. هل فهمت ..؟!”
هتفت بوسي وهي تحرر ذراعها من قبضتها :-
” ماذا حدث ..؟! حسنا ربما تسرعت بإخبارك بتلك الحقيقة لكنني فعلت هذا بدافع الحماية ليس إلا .. أردت إنقاذ أختك من براثن ذلك الذئب ..”
همست ليلى بتحدي :-
” أختي لا يجمعها بذلك الحقير أي شيء ..”
قالت بوسي بجدية :-
” بل يجمعها .. والصور أمامك تؤكد ذلك .. وعلى العموم يمكنك التأكد بنفسك ولكنني سأكررها مجددا .. غرضي كان سليما يا ليلى .. أردت التنبيه ليس إلا ..”
رددت ليلى ببرود :-
” شكرا على خدماتك التي لا نحتاجها يا بوسي …”
احتدت ملامح بوسي وهي تردد بدورها :-
” الخطأ مني لإنني فكرت بمصلحة أختك .. فلتحترقان إنتما الإثنان بجهنم الحمراء ..”
وضعت ورقة التحاليل في كفها وهي تردد :-
” هذه التحاليل التي كتبها الطبيب لك …”
ثم تحركت مبتعدة لتنظر ليلى الى الورقة قبل أن تعتصرها داخل يديها ثم تتجه نحو سلة المهملات وترميها داخلها ..
…………………………………………………..

 

غادرت الجامعة مبكرا وقد فقدت رغبتها كليا في حضور المحاضرات …
طوال ليلة البارحة لم تنم لحظة واحدة وحتى عندما ظنت إنها ستتناسى ما حدث عند ذهابها الى الجامعة وتنشغل قليلا لم يحدث ما توقعت ووجدت نفسها لا تفكر سوى بتلك المواجهة التي حدثت بينهما …
دلفت الى الداخل واتجهت بسرعة الى المطبخ لتعد القهوة لنفسها والتي تحتاجها الآن أكثر من أي وقت ..
تفاجئت به هناك يعد الطعام لنفسه عندما شعر بها وهي تدخل فرفع وجهه نحوها للحظات ثم تجاهلها وهو يعاود الإنغماس في تحضير طعامه ..
تقدمت الى الداخل بذقن مرفوع وبدأت تعد القهوة وهي تتجاهله تماما وهو بدوره يفعل المثل ..
رن هاتفه والذي كان موضوعا بالقرب منها فصبت تركيزها على قهوتها التي ستغلي بعد قليل عندما رفض هو المكالمة فعاد هاتفه يرن بعد لحظات ليطفأ النيران المشتعلة ويحمل هاتفه متجها الى غرفته لتسمع صوت إغلاق الباب فتتجهم ملامحها ويغزوها الشك لا إراديا ..
نهرت نفسها بقوة وهي تخبر نفسها ألا تهتم ولا تبالي ولا تفكر فيما يفعله …
صبت قهوتها وسارعت تحمل الكوب وتتجه الى غرفتها عندما توقفت مكانها أمام غرفته فيصلها همسه الخافت والذي لم تفهم منه شيئا فتجهمت ملامحها أكثر وهي تندفع الى داخل الغرفة وتغلق باب غرفتها بعنف ..
جلست فوق سريرها بعدما وضعت كوبها على الطاولة جانبها فتنظر الى نفسها بالمرآة المقابلة لها وتتسائل عن السبب الذي يجعلها باقية هنا بعدما حدث البارحة ..
مواجهة البارحة كانت الدليل القاطع الذي أكد لها الحقيقة التي رفضت تصديقها مرارا ..
الحقيقة التي كانت تتهرب منها منذ يوم زفافهما ..
وقوفه عاجزا أمامها ملتزما الصمت وهي تسأله عن موقع الحب بينهما أوضح لها الحقيقة كاملة …!!
زفرت أنفاسها بتعب عندما نظرت الى الهاتف بتردد قبل أن تحسم أمرها وهي تتصل بجينا فتسألها عن إمكانية الحصول على سكن مؤقت قريب من الجامعة هذه الفترة فتجيبها جينا رغم إستغرابها من سؤالها ..
سألتها جينا بجدية :-
” هل تريدين السكن لأجلك ..؟!”
ردت حياة بهدوء :-

 

” نعم ..”
أضافت :-
” أريده غدا أو بعد الغد بالكثير ..”
قالت جينا بجدية:-
” حسنا سأبحث لك وأطلب من مايكل أن يفعل ..”
أضافت جينا بصدق :-
” يمكنكِ أن تبقي مؤقتا معي في شقتي ..”
قالت حياة بسرعة :-
” شكرا يا جينا ولكن هذا لا يمكن …”
همست جينا :-
” مايكل سيغادر الشقة .. أعلم إنك ترفضين المبيت بوجود رجل غريب ..”
” لا داعي لهذا حقا … يكفي أن تجدي لي سكن …”
قالت جينا :-
” سأبحث لك ولكن يمكنك أن تأتي عندي .. إنظري أنا لا أجامل أبدا .. مايكل يمكنه البقاء مع والدته .. لا تقلقي هو لن يتضايق أبدا ..”
أضافت بجدية :-
” من الواضح إن هناك مشكلة مع زوجك .. يمكنك أن تأتي وتبقين معي الليلة مبدئيا … غالبا في هذه الحالات الإبتعاد عن نطاق شريكك حتى تستقر أعصابك هو أفضل حل ..”
صمتت حياة عندما أقنعتها جينا أخيرا لتسحب حقيبة صغيرة وتضع لها بيجامة وملابس خروج وبعض حاجياتها الأساسية ..
تحركت خارج غرفتها وهمت بالخروج عندما سمعت صوته يسألها :-
” إلى أين يا حياة …؟!”
إستدارت نحوه على مضض لتراه يتأملها والتساؤلات تسيطر على نظراته ولكن خلف تلك التساؤلات كان هناك خوف وتوتر واضح …

 

ردت بحيادية :-
” سأبيت الليلة مع جينا …”
رفع حاجبه متسائلا بتهكم يخفي من خلاله الخوف الذي تشكل داخله من تركها له :-
” حقا ..؟! ألا يوجد لديك زوج تستأذينه قبل أن تقرري مغادرة المنزل والمبيت خارجه ..؟!”
سيطر الوجوم على ملامحها وهي تدرك جيدا إنها أخطأت …
نعم هي أخطأت وعليها الإعتراف ..
ردت بخفوت :-
” معك حق .. كان يجب أن استأذنك وها أنا سأفعل .. أنا أريد المبيت عند جينا صديقتي الليلة …؟!”
رد ببرود :-
” لست موافقا ..”
” نعم ..؟! لماذا ..؟!”
سألته بعصبية خفيفة ليرد بغضب واضح :-
” ماذا تظننيني يا حياة كي أسمح لك بالمبيت في منزل رجل غريب ..؟!”
قاطعته بجدية :-

 

” مايكل لن يكون متوجدا .. أساسا كيف تفكر من الأساس إنتي سأبيت في منزل رجل غريب ..؟؟”
همس بسخرية :-
” عادي فعلتها مسبقا .. كنت تبيتين في منزل زوج والدتك بوجود ذلك السخيف ..”
قالت عن قصد :-
” اسمه نضال وهو ليس غريبا عني ..”
هتف بتهكم :-
” حقا ..؟! لا ينقص أن تقولي سوى إنه بمثابة أخيك الكبير …”
وضعت الحقيبة أرضا ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تردد بثقة :-
” كلا هو ليس أخي ولن يكون لكنه ليس غريبا في نفس الوقت ..”
ردد نديم بضيق :-
” حسنا إتركينا منه الآن ..”
أكمل بقوة :-
” لن تذهبي الى هناك .. لا مبيت لك خارج شقتنا ..”
نظرت اليه للحظات قبل أن تقول :-
” أنا بدأت البحث عن سكن للإنتقال إليه ..”
نظر لها بعدم تصديق عندما صاح بإنفعال :-
” ما هذا الهراء ..؟!”
ردت بجدية :-
” هذا ليس هراءا .. لا داعي لبقائي هنا بعد الآن ..”

 

تقدم نحوها يسأل :-
” ماذا يعني هذا الآن ..؟! ”
ردت بصوت مبحوح :-
” كل شيء أصبح واضحا .. مهما حاولنا أن نستمر ونتعايش نفشل …”
” انت فقط من ترين هذا …”
قالها بجدية لتهمس بألم :-
” كلا يا نديم .. الحقيقة إنني وحدي من أرى الحقيقة .. الحقيقة التي ترفض الإعتراف بها ..”
” أي حقيقة ..؟!”
سألها بحنق لترد بثبات :-
” الحقيقة الواضحة يا نديم .. حقيقة إنك لم ولن تحبني .. وبالتالي أنا لا يمكنني الإستمرار معك بهذه الطريقة .. دون مشاعر حقيقية بيننا …”
” مالذي جلب سيرة هذا الموضوع الآن ..؟! من أين أتتك تلك الأفكار ..؟!”
سألها بغضب لترد وهي تبتسم بمرارة :-
” هذه الأفكار لم تتركني لحظة واحدة منذ أول يوم أدركت فيه الحقيقة كاملة .. منذ يوم زواجنا تحديدا .. عندما رأيتك تعانقها .. عندما أدركت تضحيتها وعندما شعرت بتشتت روحك وضياعك وقتها ..”
أكملت والدموع تترقرق داخل عينيها :-
” صدقني ليس بيدي .. قد تراني أنانية .. لكنني لا أستطيع الإستمرار هكذا .. لا يمكنني يا نديم ..”
” حياة …”
همس لها بنبرة متحشرجة لتضيف بدموع ترقرقت داخل عينيها :-

 

” ارجوك يا نديم إفهمني .. إستوعب ما أعانيه .. أقسم لك إنني حاولت التغاضي .. تأملت أن يتغير شيئا لكن وقوفك أمامي البارحة وانت عاجز عن قول شيء ما جعلني …”
صمتت تبتلع غصتها وهي تكمل :-
” جعلني أدرك مدى حماقتي .. ”
مسح على وجهه بتعب لتهمس بتوسل :-
” إذا كان لدي خاطر ولو قليل عندك إتركني يا نديم .. لا تتتسبب لي بمزيد من العذاب …”
رمقها بنظرات مترجية تجاهلتها وهي تحمل حقيبتها وتستدير نحو الباب وتهم بالتحرك عندما سمعت يهتف فجأة :-
” هل المشكلة بيننا تكمن في الحب …؟! هل مشكلتك تكمن هنا يا حياة ..؟!”
إستدارت نحوه ترمقه بعدم إستيعاب ليهتف بحماقة :-
” هل سترتاحين إذا أخبرتك إنني أحبك .. هل سترضيك هذه الكلمة .. ؟! هل ستجعلك تتراجعين عن قرارك هذا …؟!”
أكمل وهو يأخذ نفسا عميقا :-
” حسنا سأقولها يا حياة …”
شعرت بأنفاسها تتوقف داخل صدرها وهي ترجوه بنظراتها ألا يفعل .. ألا يفقد آخر شيء يجمعها بل أهم شيء جمعهما .. الصدق الذي رغم كل شيء ظل يزين علاقتهما ..

 

” لا تفعل ..”
نطقتها بتوسل ليقول بتحدي :-
” سأفعل .. إذا كان هدا ما سيرضيك سأفعلها ..”
وفي نفس اللحظة كان كلاهما ينطق وعيناه تواجهان الآخر بتحدي وثبات :-
” إذا كان هذا يرضيك سأقولها … أحبك ..”
” سأكرهك حقا عندما تقولها مجبرا كاذبا يا نديم .. “

” إذا كان هذا يرضيك سأقولها … أحبك ..”
لم يكن يعلم إن تلك الجملة البسيطة والتي خرجت بإنفعال شديد ولا وعي منه هي بداية النهاية بالنسبة لهما …
لمح الخيبة في عينيها ..
خيبة شديدة يغلفها الألم …
دموع صامتة داخل عينيها وشفتاها ترتجفان بخفوت …
كان يقرأ تفاصيلها في تلك اللحظة وعقله يخبره إنه أخطأ …
إرتكب خطئا جسيما رغم إنه كان مجبرا على ذلك ..
لم يكن أمامه حل آخر ..
كان يحاول أن يرضيها أو يرضي نفسه هو ببقائها معه ..
لا فرق ففي كلا الحالتين أخطأ وخسرها ..
إنقبض قلبه داخل صدره وهو يفكر إنه سوف يخسرها حقا .. سوف تغادر حياته نهائيا .. سيعيش بدونها …
لو أقسم لها ألاف المرات إنه فعل هذا كي يتشبث بها ليس إلا فهل ستصدق …؟!
نعم ستصدق ولكنها لن تغفر …

 

حياة التي يعرفها لن تغفر إعترافا كهذا ..
حياة التي يعرفها لن يتحمل كبريائها أن يلقي كلمات الحب في وجهها وكأنها واجب مفروض عليه …
كبريائها الذي جعلها تريد الإنسحاب من حياته هو نفسه الذي سيجعلها عاجزة عن الغفران ..!!
همس بنبرة متشنجة كليا :-
” حياة …”
همست بتعابير جامدة :-
” أخبرتك إنني سأكرهك إذا فعلتها .. إذا تفوهت بها كذبا وإجبارا …”
أضافت والدموع الحبيسة لمعت داخل عينيها لكنها كبحتها بحزم :-
” لستُ أنا من تستجدي الحب منك يا نديم ولا من أي شخص .. ”
” كلا انتِ لست كذلك …”
قالها وهو يحاول التقدم منها لكنها صدمته وهي تبتعد بسرعة تنأى بنفسها عنه فيهمس مترجيا :-
” حياة .. ارجوكِ ..”
قالت ووهي تشعر بعدم قدرتها على الوقوف أمامه أكثر والتماسك :-
” شكرا لإنك دمرت آخر شيء كات موجودا بيننا .. المودة والصدق .. ”
كرر ندائه بإسمها بخفوت وتوسل فمنحته نظرات ثابتة رغم الألم الذي ينحر قلبها دون رحمة :-
” نحن إنتهينا بالفعل هذه المرة يا نديم …”
كان هذا آخر ما قالته قبل أن تحمل حقيبتها وتنسحب خارج المكان بينما وقف هو مكانه متسمرا ..
لم يتبعها ولم يركض خلفها متوسلا أن تعود ..
لم يفعل أيا من هذا ..
بقي مكانه واقفا دون حركة ..
هكذا فقط وصدى ما قالته يتردد داخل رأسه ..
هما إنتهيا حقا .. إنتهت قصتهما وهي ما زالت في طور البداية ..!!
………………………………………………………………

 

كان يقود سيارته بملامح جامدة كليا لا توحي بشيء وهي جانبه تتأمله بين الحين والآخر والقلق يسيطر عليها تماما ..
لم تفهم ما حدث بالضبط سوى إن هناك من خطف غالية .. هذا ما أخبرها عمار به بإختصار شديد وهو يندفع نحو سيارته ..
ملأ القلق كيانها على غالية بشدة …
أخذت تدعو ربها أن تكون بخير وأن يكون هناك خطأ ما وهي ليست مخطوفة وإذا كانت كذلك بالفعل فلينقذوها من أولئك الخاطفين ..
لم تكن تفعل شيئا سوى الدعاء وتأمله بين الحين والآخر بملامحه الثابتة التي لا توحي بشيء من مشاعره …
أوقف سيارته داخل كراج منزل والده وهبط منه تتبعه هي بسرعة عندما إقتحم المكان وهو يسأل الخادمة التي فتحت له الباب :-
” أين الجماعة ..؟!”
أشارت الخادمة بخوف بديهي :-
” في صالة الجلوس …”
إندفع مسرعا حيث أخبرته الخادمة ليجد شريف في إستقباله بينما زوجة أبيه تجلس على إحدى الكنبات تبكي بخوف وجانبها تجلس إمرأة تقاربها عمرا والتي لم تكن سوى زوجة أخيها بينما يقف أخيها جانبا يجري إتصالاته ..
سأل شريف بسرعة متجاهلا البقية :-
” ماذا حدث ..؟!”
رد بقلق :-

 

” لقد خطفوها من أمام الفيلا .. حارس الفيلا وجد سيارتها متروكة في منتصف الطريق مع أغراضها .. ”
أضاف بجدية :-
” كانت قد إتصلت بي صباحا وكنت مشغولا حينها ثم عاودت الإتصال بها فلم تجب وعندما إتصلت بزوجة عمي كانوا قد علموا بأمر خطفها فجئت مسرعا وإتصلت بك ..”
” أين الحارس ..؟!”
سأله بضيق ليرد شريف :-
” في الأسفل … لقد تحدثنا معه وهو لا يعرف شيئا …”
قاطعه عمار وهو يشير الى الجميع بنبرة آمرة :-
” لن يتصل أي أحد بالشرطة …”
قال جمال خالها بصوت حانق :-
” ماذا يعني هذا …؟! بمن نتصل إذا ..؟! الفتاة مخطوفة منذ ثلاث ساعات وأكثر .. ”
أكمل بضيق :-
” نحن لم نقم بأي تصرف حتى تأتي أنت وتقرر كونك أخيها بناء على إصرار إبن عمك الذي رفض أن نتصرف ونبلغ الشرطة دون مشورتك فإكتفينا ببعض الإتصالات والتحقيق مع الحارس والبحث في الكاميرات ولكن يجب أن نتصل الآن …”
قال عمار بحزم :-
” لا أحد سيتصل .. انا سأتصرف وأجدها ..”
لكن خالها بدا ممتعضا من الوضع بأكمله وقد ضاعف غرور هذا الشاب وفظاظته من ضيقه فردد بسخط :-
” كيف ستتصرف يعني ..؟! أليس من الطبيعي أن نتصل بالشرطة كما يفعل جميع من يتعرض لموقف كهذا …؟!”
رد عمار ببرود :-
” أنا لست كالجميع .. لا تقلق .. سأجدها دون الحاجة للجوء الى الطرق التقليدية التي يلجأ إليها الجميع ..

هم بالتحرك عندما قال جمال متهكما بغضب :-
” بالطبع فمن مثلك يدرك جيدا كيف يتصرف بهذه الأمور .. الإجرام والخطف تخصصك أنت أساسا ..”
إلتفت عمار نحوه يهدر بعينين تشعان غضبا :-
” لا تتجاوز حدودك يا هذا ولا تنسى إنك في منزلي ..”
لكن الرجل الدي يكبره سنا بدا كارها له بشدة وهو يضيف بتحدي :-
” أنا في منزل شقيقتي وأولادي …”
أطلق عمار سبة صريحة فقبضت شيرين على ذراعه تهمس إسمه بتوسل أن يتوقف عندما قال عمار بقوة وهو بالكاد يسيطر على إنفعاله :-
” هذا منزلي قبل أن يكون منزل شقيقتك وأولادها ..”

 

أكمل وعيناه تشتغلان غضبا :-
” وإذا لم تلتزم حدودك وتحترم كبير هذا المنزل فلتغادره حالا …”
” عمار من فضلك ..”
قالها شريف برجاء وهو يقف جانبه عندما صاح الخال :-
” انت حقا ولد قليل الأدب ..”
صاح عمار وهو يهم بالتقدم :-
” مع من تتحدث هكذا يا هذا ..؟! من تظن نفسك ..؟!”
نهضت نهاد نحو زوجها تتوسله أن يتوقف بينما هدر شريف بصرامة هذه المرة مدافعا عن إبن عمه :-
” من فضلك جمال بك .. لا تنسى إنك في منزل عمي رحمة الله عليه ومن تتحدث عنه بهذه الطريقة هو إبنه البكري .. لا يحق لك أن تقلل من إحترام صاحب المنزل وكبيره …”
رمق جمال أخته بنظرات تعرفها جيدا وهو يهتف بها هازئا :-
” هكذا إذا .. أصبح إبن تلك المرأة كبيركم يا صباح ..”
انتفض عمار من مكانه وهو يهم بالإنقضاض عليه مرددا :-
” ما بها تلك المرأة أيها …؟!”
بدأ يرميه بأبشع الألفاظ غير مهتما بفرق السن بينهما فهو قد ضغط على أكثرنقطة حساسة بالنسبة له بينما وقفت شيرين في وجهه تحاول تهدئته ..
لحظات وإنتفضت صباح تصرخ باكية :-
” يكفي حقا يكفي .. إبنتي مخطوفة وأنتما تتشاجران … ”
أضافت وهي ترمق أخيها بعتاب وبكائها يزداد لا يقل :-
” إبنتي مخطوفة يا جمال .. إبنتي تم خطفها ولا أعلم ما حل بها وأنت تتشاجر متناسي كل هذا …”
إحتقنت ملامح جمال يردد بجمود :-
” انا سأغادر حالا فلا يمكنني البقاء مع ابن زوجك لحظة واحدة ..”
ثم اندفع خارجا تتبعه زوجته التي سارعت تحمل حقيبتها وتركض خلفه مندفعة عندما تمتم عمار ببرود :-
” الى جهنم الحمراء …”
أضاف وهو يشير الى زوجته :-
” إحلسي من فضلك يا شيرين وإرتاحي …”
منحته شيرين نظرات خائفة بسبب المواجهة التي حدثت قبل لحظات فربت على وجهها يطمأنها بإبتسامة باهتة قبل أن يشير الى ابن عمه مرددا :-
” تعال معي يا شريف ..”
…………………………………………………….

 

كانت شيرين تجلس أمام صباح تتأملها وهي تبكي على إبنتها بحزن …
كانت تشعر بالتردد .. هل تقترب وتواسيها أم تبقى مكانها فربما لن يعجب تصرفها هذا عمار الذي تدرك مدى كرهه لزوجة والدها …؟!
لكن في النهاية وكالعادة إنسانيتها من إنتصرت عندما نهضت بجانب صباح تواسيها وتحاول التخفيف عنها …
بعد لحظات جاء عمار يتبعه شيرين ومعهما نادر الذي جاء مع والدته وأختيه بعدما علم بما حدث مع إبنة عمه عندما إتصل به عمار يطلب منه رقم أحد أقارب والدته الذي يعمل في الداخلية فعرف منه ما حدث ليسارع للمجيء ومعه عائلته لأجل المساندة …
تقدم عمار وهو يرمق شيرين بنظرات صامتة غير واضحة يتبعها نادر الذي تقدم نحو زوجة عمه يواسيها ويحاول تهدئتها تتبعه والدته رحاب وإبنتيها أروى ونرمين …
تبادلوا التحية سريعا مع شيرين التي نهضت بجانب زوجها تحيط ذراعه بدعم واضح عندما تلاقت عينيها بعينيه فرأت الجمود يحتلهما كالعادة عندما همست له وهي تبتسم بتعاطف :-
” ستعود سالمة ان شاءالله …”
هتفت صباح بلوعة :-
” ماذا سيحدث الآن …؟! لماذا لا يبحث أحد منكم عنها ..؟! ”
قالت رحاب بسرعة تهدئها :-
” يبحثون بالطبع ..”
أضافت وهي تنظر الى عمار :-
” لقد إتصل عمار بإبن خالي الذي يعمل في الداخلية وهو وعده إنه سيتصرف وعمار أيضا يبحث بدوره … أليس كذلك يا عمار .؟!”
هز عمار رأسه ببطأ قبل أن يقول وهو يهم بالتحرك خارج المكان :-
” عن إذنكم .. ”
لكنه توقف قرب الباب وهو يسمع نداء زوجة والده فإلتفت نحوها بملامح شديدة الوجوم لتتقدم نحوه وتقف أمامه قبل أن تهمس له :-
” أريد الحديث مع قليلا …”
رمقها بنظراته قليلا قبل أن يتحرك خارج المكان تتبعه هي عندما فوجأ بها تقبض على كفيه تردد بتوسل :-
” أخبرني يا عمار .. أنت لست وراء هذا .. أنت لم تفعل هذا أليس كذلك …؟!”
صاح بحنق وهو يبعد كفيه من قبضتيها :-
” ما هذا الهراء ..؟! بالطبع كلا ..”

 

أكمل وعيناه تحتقنان غضبا :-
” انا لن أفعل شيئا كهذا بالضبط …”
همست بذعر :-
” ولكنك سجنت نديم مسبقا وربما جاء دورها …”
قاطعها بحزم :-
” لم أفعل … ”
همست صباح بصوت مبحوح :-
” إذا من فعلها ..؟! غالية لا أعداء لديها …”
رد ببرود :-
” لا أعلم لكنني سأجدها وأجده …”
همست بتوسل :-
” جدها أرجوك … ”
أكملت برجاء باكي :-
” مهما حدث تبقي هي أختك وأنت أخيها … جدها من فضلك يا عمار .. انا لا يمكنني تحمل خسارتها .. بالله عليك أرجعها إلي ….”
هتف بجمود :-
” سأجدها .. سأعيدها الى هنا … ليس لأجلك ولا لأجلها بل لأجل كرامتي التي لا تتقبل أن يمس أحد ما أي إمرأة تخصني .. وكما قلت منذ لحظات .. رغم كل شيء تظل غالية أختي … رغما عني هي كذلك وما يصيبها يمسني مجبرا لا مخيرا …”
……………………………………………………….
كانت شيرين تنظر نحو باب الصالة بقلق منذ خروج زوجها مع زوجة أبيه ..
تخشى أن يتصرف عمار بطريقة تؤذي المرأة المسكينة فيكفيها ما يحدث معها …
نهضت من مكانها تستأذن وهي تخرج من المكان بعدما عاد شريف الى الداخل …
بحثت بعينيها عن زوجها وصباح فلم تجدهما فهمت بالتوجه نحو المطبخ تطلب من الخادمة كوبا من الماء عندما رن جرس الباب فسارعت تتجه نحوه تفتحه عندما صدمها وجود غالية أمام الباب بملامح صامتة حزينة ..
” غالية ..”

 

قالتها بلهفة وعدم تصديق عندما تقدمت غالية الى الداخل فسارعت تقبض على كفها تسندها وقد بدت غالية مجهدة من جميع النواحي تسألها بقلق :-
” هل أنت بخير ..”
أكملت وقد تذكرت أمر الجميع فصاحت بلا وعي :-
” غالية أتت .. غالية أتت يا عمار …”
لحظات وكان الجميع حول غالية التي تمسكت بأحضان والدتها بينما يحاول الجميع الإطمئنان عليها ..
كان عمار يقف بعيدا قليلا بملامح صامتة يتأملها مدققا النظر في وجهها وجسدها يبحث عن أي آثار للإعتداء غير ذلك الإحمرار الذي يظهر بوضوح فوق وجنتها البيضاء مشيرا الى أثر صفعة وشعرها المبعثر قليلا …
وأخيرا إبتعدت غالية من بين أحضان والدتها تردد بثبات جاهدت للتحلي به :-
” انا بخير … لا تقلقوا ..”
هتفت والدتها بقلق :-
” كيف يعني بخير ..؟! أخبريني ماذا حدث .. ؟! من خطفك …؟! وماذا فعلوا بك ..؟!”
إبتلعت غالية ريقها وهي تردد :-
” قاطع طريق .. كان يريد الأموال ولكن الحمد لله جاء من أنقذني منه ..”
قالتها وهي تتذكر فادي عندما سألتها والدتها مجددا بعدم إستيعاب :-
” كيف يعني هذا ..؟! كيف يمكن لقاطع الطريق أن يفعل ذلك …؟!”

 

قاطعها عمار منهيا الحوار :-
” يكفي الآن .. من الواضح إنها متعبة وتحتاج الى الراحة .. نتحدث لاحقا بشأن ما حدث .. الأفضل أن ترتاح الآن ..”
سألتها شيرين برقتها المعهودة :-
” أنتِ بخير يا غالية ..؟! هل تحتاجين الذهاب الى المشفى للإطمئنان على وضعك الصحي ..؟!”
ردت غالية وهي تبتسم بشحوب :-
” كلا ، لا أحتاج فأنا بخير .. أحتاج فقط أن أرتاح في غرفتي فالإرهاق يسيطر علي بشدة ..”
” حسنا حبيبتي .. هيا بنا الى غرفتك ..”
قالتها والدتها وهي تجذبها من ذراعها تسيرها جانبها بحرص بينما تقدمت شيرين نحو عمار تسأله وهي تلمس ذراعه بحذر :-
” هل أنت بخير ..؟!”
نظر لها وهز رأسه دون رد لتبتسم له تطمأنه :-
” هي بخير .. لا تقلق …”
رد بفتور :-
” ليس هذا ما يشغلني حاليا ..”
وبالفعل ليس هذا ما يشغله .. ما يشغله حقا هو من تجرأ وخطف غالية ..؟! من تجرأ وفعل هذا ..؟!
……………………………………………………………
في صباح اليوم التالي
وقفت على مسافة منه تتأمله وهو يرتشف قهوته بشرود ..
ليلة البارحة لم يكن طبيعيا على الإطلاق وهي تعي هذا جيدا …
شيء ما إختل به ولمسته هي منذ عودتهما الى منزلهما …
شيء لا تفهم ماهيته لكنها تتمنى أن يكون ما تخلخل داخله جزءا يخص غالية وخوفا بديهيا عليها …
تتمنى لو تتحرك مشاعره ناحية أخوانه ويدرك جيدا كم وجودهم قيم في حياته ..
تعلم إن حدوث هذا الأمر مستحيل مع نديم ولكن مع غالية ما زال هناك أمل ..
فهو لم يفعل بها كما فعل مع شقيقها وهي ما زالت تكن له محبة خفية وإن أظهرت عكس ذلك ..
كم تتمنى لو يتغير وينسى … أن يصحح اخطائه ويبدأ من جديد ويفهم إن الحقد والإنتقام لن يجلبان له سوى التعاسة ..
تنهدت بتعب وهي تتمنى لو تستطيع فعلها …

 

لو تستطيع إنتشاله من كل هذا الكره والحقد اللذين يحيطان به ..
تقتل رغبته الدائمة في الإنتقام دون توقف ..
سارت نحوه ببطئ فشعر بها هو ..
إلتفت نحوها فإبتسمت برقة :
” صباح الخير …”
رد بخفوت وعيناه تتأملان ملامحها الجميلة الرقيقة بشوق :-
” صباح النور ..”
ثم عانقها بسرعة يتنفس عبق رائحتها الذي يمنحه هدنة خاصة كما يمنحه وجودها الراحة والسعادة التي لا ينالها سوى منها .. هي وحدها فقط ..
إبتسمت له بحب بعدما إبتعدت قليلا من بين أحضانه بينما جسده ما زال يحاوط جسدها ليقبلها من وجنتها بلطف قبل أن يهمس لها :-
” ما حدث البارحة لا ذنب لي به…”
أوقفته وهي تضع أناملها فوق فمه فقبلها برقة بينما تهمس بدورها :-
” لن نتحدث في هذا الأمر ..”
إنفرجت أساريره براحة عندما أضافت بجدية :-
” الآن فقط .. لكننا سنتحدث فيما بعد …”
” لقد أخبرتك إن لا علاقة لي فيما حدث ..”
قالها بإنزعاج لترد بحزم :-
” لكنني لا أصدقك ولن أفعل …”
أكملت بقوة رغم الهدوء التام الذي يسيطر على ملامحها :-
” لا يمكنك أن تخدعني يا عمار …”
هم بالتحدث لكنها أوقفته بإشارة منها تضيف بنفس الثبات :-

 

” لكننا سنتحدث فيما بعد .. لإنني أعلم جيدا إن الوقت اليوم ليس مناسبا على الإطلاق .. ”
أردفت بجدية :-
” أنت بالك مشغول بأمور عديدة وأنا مرهقة للغاية .. موضوع كهذا يحتاج إلى ذهن صافي عند كلينا كي نستطيع النقاش بهدوء وتروي …”
أنهت الموضوع بحسم :-
” لا أنا ولا أنت نمتلك الطاقة اليوم تحديدا لحديث كهذا …”
سألها مدهوشا :-
” كيف يمكنك أن تكوني بكل هذا الهدوء والثبات …؟! كيف يمكنكِ أن تتحلي بهذا الكم من الصبر …؟! تحملين هذا المقدار من السكينة …؟! كيف يمكنكِ أن تكوني قوية وثابتة بقدر ما أنتِ حنونة ومعطاءة …؟!”
إبتسمت وهي تردد :-
” تتحدث وكأنك لا تعرفني … هذه أنا .. دائما كنت هكذا وما زلت …”
هتف بصدق :-
” كلا يا شيرين .. انا بالفعل لم أكن أعرفك جيدا .. لكنني كلما تعرفت إليك أكثر كلما إنبهرت بك أكثر .. كلما غرقت بك أكثر … ”
ضحكت برقة عندما إنحنى نحوها يلثم وجنتها مرددا برغبة :-
” إشتقت لك …”
شعر بجسدها يتخشب قليلا بين أحضانه فسألها بتوتر :-
” ماذا حدث يا شيرين …؟!”
ردت بحذر :-
” ليس الآن يا عمار ..؟!”
سألها حذرا :-
” لماذا …؟!”
عاد مشهد البارحة يغزو مخيلتها فأجابت بصراحة :-

 

” لم أتخطَ ما رأيته البارحة بعد …”
” ولكنني أخبرتك …”
قاطعته بجدية :-
” أخبرتك إنه لا يمكنني تصديق ذلك … ”
تنفست بقوة ثم قالت :-
” لنؤجل هذا الحديث فيما بعد من فضلك …”
شعر برجائها الشديد في تأجيل الأمر لما بعد من خلال ملامحها ونظراتها المتوسلة فهز رأسه متفهما عندما سألته بإهتمام :-
” هل تتناول الفطور معي ..؟!”
رد مبتسما رغم تعجبه من تحولاتها التي لم يستوعبها بعد :-
” بالطبع .. لا يمكنني تفويت فرصة كهذه ..”
بعد حوالي ثلث ساعة كان يجلس جانبها يتناولان طعام الإفطار عندما سألته وهي ترتشف القليل من عصيرها :-
” البارحة كان يوما عصيبا …”
أضافت وهي تضع العصير فوق الطاولة مجددا :-
” ما رأيك أن نذهب اليوم مساءا للإطمئنان على غالية …؟!”
رد بجدية :-
” حسنا ، أساسا يجب أن أتحدث معها ..”
إبتسمت تهتف بحماس :-
” حسنا ، لنذهب مساءا إذا …”
هز رأسه بتفهم عندما سألته مجددا بقليل من التردد :-
” البارحة .. يعني عندما كنت بجانب زوجة أبيك .. عندما كنت أواسيها .. نظرت إلي بطريقة لم أفهمها … ماذا كنت تعني بنظراتك تلك ..؟!”

 

صمت قليلا وعيناه مثبتتان فوق طبقه عندما أجاب بعد لحظات من الترقب :-
” كنت أتخيل والدتي مكانها …”
تشنجت ملامحها عندما أضاف وعيناه الحمراوان تنظران الى عينيها بعمق :-
” كنتما ستشكلان ثنائيا رائعا أنتِ وهي .. ”
أكمل يفصح عما يدور داخل قلبه دون تردد :-
” في تلك اللحظة تمنيت لو كانت ما زالت حية .. لو كانت بيننا …”
أضاف وعيناه تشتعلان حقدا :
” عندما نظرت الى صباح فكرت إنها نالت جميع ما فقدته والدتي .. والدتي من كانت يجب أن تكون مكانها .. هي من كانت يجب أن تكون سيدة هذا المنزل .. هي من كانت يجب أن تجلس جانبك وتتحدث معك … هي من كانت يجب أن تعيش هذه الحياة وليست صباح …”
وضعت كفها فوق كفه تكبح دموعا تهدد بالإنهيار تهمس بخفوت :-
” هذا قدرها يا حبيبي .. ”
قاطعها بحدة :-
” لم يكن قدرها .. لا يمكن أن نتهم القدر بكل شيء يحدث .. ”
أكمل وهو ينظر الى أمامه بحقد ما زال يشتعل داخله بقوة :-
” لولا دخول تلك المرأة حياتها بل حياتي أيضا ما كان ليحدث كل هذا .. لولا زواجها من أبي وضعفه وإنصياعه ما كان ليحدث كل هذا … لولا صباح وأبي وجدتي وما إقترفاه بحق والدتي ما كانت لترحل .. لكن لا بأس .. جميعهم دفعوا الثمن بشكل أو آخر .. جدتي وأبي وصباح …جميعهم دفعوا الثمن والآن جاء دور نسلهم لينالوا من أفعال أبائهم …!!”
……………………………….،………………………………

 

في أمريكا ، نيويورك ..
فتحت عينيها على ضوء أشعة الشمس الساقطة فوق وجهها فإعتدلت في جلسها وهي تشعر بالراحة تسيطر على جسدها بعد ساعات طويلة قضتها وهي نائمة ممذ وصولها الى شقة جينا …
عادت ذكريات البارحة تغزوها فلمعت عيناها بالدموع لا إراديا وهي تتذكر ما حدث بينهما …
لا تصدق حتى الآن كيف وصلت الحالة بينهما الى هنا تحديدا ..
كانت تريد نهاية ألطف من هذه .. إنفصال هادئ .. فراق دون غضينة او لوم .. لكن ما حدث عكس ما تمنته وأعدت نفسها له طويلا ..
في الوقت الذي سعت به للإبتعاد بهدوء قبل تطور الجفاء بينهما وإزدياد الوضع سوءا حدث ما خافت منه …!!
نهضت من مكانها بعدما أبعدت الغطاء عنها ووقفت أمام المرآة تتأمل ملامح وجهها المتألمة وعينيها الحمراوين …!
مشاعرها يسيطر عليها الألم والغضب في آن واحد ..
غاضبة منه لكن غضبها من نفسها يفوق غضبه ..
نعم هي غاضبة من نفسها …
هي من فعلت بنفسها كل هذا …
هي من ألقت نفسها بهذا الجحيم …
هي من فعلت كل هذا بنفسها وبه ..
نعم هاهي تعترف بهذا .. تعترف إنها من تسببت بكل هذا الأذى لنفسها .. هي من راهنت رهانا خاسرا ودخلت في معركة لا أمل للربح فيها ..
ليتها لم تفعل ذلك وليتها لم تسمح لنفسها بالإنجراف معه …
هي تتألم .. تحزن وتغضب ..
تغضب من نفسها وما إقترفته بحقها وحقه هو أيضا ..

 

نعم هي تتحمل ذنبه أيضا …!
فهي من منحته الأمل وسرقته منه ..
هي من منحته الكثير وما لبثت أن أخذته مجددا ..
لكن الأمر خارج عن إرادتها ..
هي بالنسبة لها دواءه .. أمله المتبقي …
تعلم هذا جيدا مثلما تعلم إن هذا الدواء سينتهي مفعوله ذات يوم وحينها سيصبح كل شيء واضح ..
سيقف هو حائرا بين عشقه لأخرى ووعوده لها ..
وهي بدورها ستقف حائرة بين قبولها الأمر الواقع والرضا بوجوده في حياتها بكل شيء ما عدا قلبه أو الإنسحاب من حياته ..
لو كان بيدها لبقت لكن هذا الأمر كان شاقا للغاية على روحها .. على قلبها المتعلق به … على مشاعرها التي لا تجد مردود لها عنده …
لذا كان الإبتعاد هو الحل الأفضل لكليهما ..،
هي ستبتعد بكل الأحوال ..
هي لن تستمر معه طالما مشاعره ليست لها ..
لذا إختارت أن تبتعد مبكرا قبل أن تتعمق العلاقة بينهما ويزداد هو بدوره تعلقا بها بشكل يجعله عاجزاعن تقبل رحيلها …
الرحيل المبكر أفضل لكليهما …
أفضل لها كي تداوي جروحها بسرعة وأفضل له كي يعتاد على غيابها قبل أن يتعلق بها أكثر …
هذه العلاقة ستنتهي يوما لا محالة ..

 

لذا من الأفضل أن تنتهي مبكرا بجروح يمكن أن تطيب يوما بدلا من أن جروح غائرة وندوب لا شفاء لها …
تنهدت بتعب وهي تمسح وجهها بكفيها قبل أن تخرج من الغرفة فتجد جينا تستقبلها بإبتسامة عريضة وهي ترحب بها بلهجتها :-
” صباح الخير على أجمل فتاة ..”
إبتسمت حياة مرغمة بسبب هذا الإستقبال الحافل :-
” صباح الخير جينا …”
قالت جينا بحماس :-
” أعددت الفطور لكلينا … هيا تعالي ..”
تقدمتا نحو المائدة حيث جلست حياة أمام جينا تتناولان طعام الإفطار سويا وتتبادلان الأحاديث ..!!
بعد مدة من الزمن كانت تجلس على الطاولة تنظر الى التلفاز بذهن شارد عندما وجدت جينا تتقدم نحوها وهي تمد يدها لها بكوب من النسكافيه ..
تناولت الكوب منها وشكرتها بينما جلست جينا على مسافة منها وهي تحمل كوبها بيدها ..
” إذا … ألن تتحدثي وتخبريني ما حدث …؟!”
نظرت حياة لها بحيرة وهي لا تعرف من أين تبدأ وماذا تخبرها بالضبط ..”
ضحكت مرغمة وهي تجيب :-
” هل تصدقينني لو أخبرتك إنني لا أعرف كيف أبدأ وماذا أقول ..؟! الكلام كثير ولا ينتهي .. ”
قالت جينا بسرعة :-
” تحدثي من البداية .. “

 

تغضن جبينها وهي تردد :-
” هناك الكثير يا جينا .. ”
أضافت وهي تشرد بملامحها :-
” هل تعلمين …؟! قصتنا أنا ونديم رغم قصر مدتها إلا إنها مليئة بالأحداث … ”
إبتسمت تضيف بنفس الشرود :-
” ومليئة بالمواقف الحلوة …”
” أريد سماع قصتكما يا حياة .. أشعر بالحماس الشديد لذلك ..”
قالتها جينا بحماس وترقب عندما شعرت حياة بغرابة قولها قصتكما …!!
هل كانت هناك قصة مشتركة بينهما حقا ..؟!
أم كانت قصتها وحدها ..؟؟
هل سيتذكرها نديم بعد الإنفصال ..؟؟
سيتذكر قصتهما إذا كان سيعتبرها قصة من الأساس …؟!
أفاقت من شرودها على تململ جينا فإبتسمت مرغمة وهي تتحدث .. تسرد لها كل شيء منذ البداية …
منذ ذلك اليوم الذي رأت فيه صورته .. سقوط الصورة ..
حبها الصامت له .. لقائاتهما التي تكررت صدفة بسبب مرض والدها .. الأحاديث البسيطة التي جمعتهما ..
لم تنسَ أن تذكر جزءا مختصرا من ماضيه وقصة عشقه لأخرى .. قصة أدركتها منذ بداية تعارفهما ورغم ذلك أصرت على الإستمرار ..

 

حدثت عن بداية إهتمامه بها .. عن أول إعتراف منه بتأثيرها به .. عما حدث بعدها من شد وجذب .. عن رغبته بالزواج منها وتمسكهه الشديد بها .. عن خوفها وهربها ثم عودتها مرارا … عن يوم خطبتهما … عن زواجهما وما حدث يومها ورؤيتها له وهو يعانق حبيبته السابقة .. عما تلا ذلك .. وبداية الخلافات الحقيقة .. كل شيء حدث حتى اليوم ..
كانت تتحدث وتبتسم تارة لا إراديا وهي تسرد موقفا حلو جمعهما ثم ما تلبث أن تبكي وهي تسرد موقفا معاكسا وتتغضن ملامحها ضيقا في حديثها عن موقف ثالث مختلف .. بقيت هكذا حتى فرغت ما في جبعتها وجينا تستمع لها بإنصات …
تنفست بعمق ما إن أنهت حديثها عندما سمعت جينا تهتف بصدق :-
” قصتكما تصلح لفيلم سينمائي …”
رددت حياة بخفوت :-
” ليس لهذه الدرجة …”
ابتسمت جينا تضيف :-
” هل تعلمين إن ما جمعكما أقوى من أن يسمح لأي منكما بالفراق … ؟! هذا رأيي الشخصي …”
سألتها حياة :-
” مالذي يجمعنا يا جينا ..؟! نحن لا يجمعنا أهم شيء … ”
قاطعتها جينا بقوة :-
” مبدئيا الحب ليس أهم شيء كما تعتقدين …”
أضافت بجدية :-
” والأهم إنه من قال إن الحب لا يجمعكما …؟!”
هتفت حياة بعدم تصديق :-
” بعد كل ما قلته ..!! نديم لا يحبني يا جينا .. انا فقط من أحبه …”
” على أي أساس إفترضتِ هذا ..؟!”

 

سألته جينا بجدية لترد حياة ببديهية :-
” بعد كل ما قلته وما زلتِ تتسائلين حقا ..”
قالت جينا بعفوية :-
” لإن جميع ما أخبرتني به لا يدل سوى على شيء واحد .. هو إن هذا الرجل يحبك ..”
ضحكت حياة بعدم إستيعاب مرددة :-
” توقفي عن هذا يا جينا …”
” بل توقفي انت يا حياة …”
قالتها جينا بحزم وهي تكمل :-
” هو يحبك … جميع ما ذكرتيه يدل على ذلك ويؤكده …”
” كلا هو لا يحبني …”
قالتها حياة بإقتناع لتبتسم جوليا على عنادها وهي تردد :-
” أنت عنيدة جدا يا حياة .. ”
أكملت بعدها :-
” هل تعلمين أين مشكلتك يا حياة ..؟! مشكلتك تكمن إنك دائما تضعين قصة حبه القديمة نصب عينيك .. تدعينها تشاركك كل لحظة تجمعكما … ترافق أفكارك دون فكاك .. وهذا للأسف ما يجعلك عاجزة عن إدراك كم ما يحمله هذا الرجل من مشاعر قوية نحوه …”
قالت حياة بخفوت :-
” كلا يا جينا .. لو كان أحبني ولو قليلا لكنت شعرت بذلك ..”
قالت جينا بحيادية :-
” وماذا عما قلتيه ..؟! ماذا عن هذا الكم من الرعاية والإهتمام والتمسك …؟! ”
أضافت بقوة :-

 

” إسمعيني يا حياة .. لا يوجد رجل يمكنه أن يفعل ما يفعله نديم مع إمرأة لا يحمل مشاعرا نحوها .. لا يمكن ذلك أبدا …”
” ربما يحمل مشاعرا حقا لكن مشاعر مختلفة .. ”
قالتها حياة بشحوب لتهتف جينا بنزق
” هذا هراء ..”
أكملت بجدية :-
” أخبريني يا حياة ..؟! كيف هي علاقتكما الحميمية سويا ..؟!”
إنسعت عينا حياة بعدم تصديق عندما قالت جينا :-
” لا تنظري هكذا .. أنا إنسانة صريحة كما إن سؤالي عادي جدا …”
تنحنحت حياة تجيب بخفوت :-
” جيدة ..”
عادت جينا تسألها بإلحاح :-
” ليس هذا الجواب الذي أنتظره ..”
هتفت حياة بعدم إستيعاب :-
” ماذا تريدين إذا يا جينا ..؟! أن أخبرك عن تفاصيل ما يحدث بيننا ..؟!”
ضحكت جينا تردد:-
” لم لا ..؟!”
أضافت وهي تتابع إحمرار وجنتي حياة :-
” يا إلهي ، تبدين وكأنكِ ما زلت عذراء خجول ..”
” توقفي يا جينا …”
قالتها حياة بضيق لتكتم جينا إبتسامتها وهي تردد :-
” حسنا … اسمعيني جيدا يا حياة .. العلاقة الحميمية مهمة جدا .. المرأة يمكن أن تشعر بمكانتها لدى الرجل من خلالها ..”
” ليس دائما ..”
قالتها حياة بهدوء لتهتف جينا بتروي :-
” ولكن هذا ما يحدث غالبا .. “

 

أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
” راجعي نفسك يا حياة .. راجعي ما كان بينكما .. لا تتخذي قرارا سريعا تندمين عليه .. مرة واحدك جربي أن تنظري الى الأمور بطريقة مختلفة وستكتشفين الكثير من الأشياء التي كنتِ تغفلين عنها .. صدقيني ..”
………………………………………………………….
مساءا …
كانت صباح تجلس بجانب إبنتها تطمأن على أحوالها بينما غالية تبتسم لها محاولة طمأنتها …
هتفت صباح بجدية :-
” انا لم أقتنع حتى هذه اللحظة بحديثك يا غالية .. كيف يعني إن من خطفك مجرد عابر طريق يريد أموالا ..؟!”
ردت غالية بجدية:-
” هذا ما حدث يا ماما … يعني هذا ما قاله الشخص … ”
نظرت لها والدتها بعدم إقتناع خاصة بعدما أخبرتها عن الطريقة التي إستطاعت من خلالها الهروب من قبضة خاطفها والتي لم تصدقها صباح نهائيا …
همت بالتحدث مجددا عندما طرقت الخادمة على الباب لتطلب صباح منها الدخول فدلفت وهي تهتف بجدية :-
” عمار بك وزوجته وصلا منذ قليل ..”
أكملت وهي تنظر نحو غالية :-
” يريدان الإطمئنان عليك يا هانم …”
هزت غالية رأسها بتفهم فقالت صباح بقلق :-
” يمكنهما أن يصعدان الى غرفتك بدلا من نزولك للأسفل ..”
لكن غالية قالت بجدية:-
” انا بخير .. ”
أكملت تشير الى الخادمة :-
” أبلغيهما إني قادمة …”
خرجت الخادمة فنظرت غالية الى والدتها وقالت :-
” سأغير ملابسي بسرعة .. يمكنك إستقبالهما أولا ..”
نهضت صباح من مكانها تردد مرغمة :-
” سأفعل …”
أكملت بصدق :-
” زوجته تبدو طيبة . عكسه تماما …”

 

هزت غالية رأسها دون رد عندما خرجت والدتها فأخذت نفسا عميقا قبل أن تسحب هاتفها جانبها وتنظر إليه بتردد ..
تتمنى لو يمكنها الإتصال به وسؤاله عما حدث لكنها لا تستطيع ..
هناك شيء ما يمنعها من ذلك بقوة …
إنتظرت أن يفعل هو ويتصل لكنه لم يفعل ..
زفرت أنفاسها بضيق ورمت هاتفها جانبها وهي تنهض من مكانها وتتجه نحو خزانة ملابسها تبحث عن ملابس مناسبة لها ..
شرعت في إرتداء ملابسها ثم صففت شعرها ووضعت القليل من المكياج والكثير من عطرها المفضل قبل أن تخرج لهما وهي في كامل حيويتها وأناقتها ..
تقدمت الى الداخل تحيي شيرين بإبتسامة مرحبة عندما عانقتها شيرين تسألها عن أحوالها فطمأنتها إنها بخير فإتجهت نحو عمار تحييه بتحفظ قبل أن تجلس بجانب والدتها عندما تحدثت شيرين برقةً:-
” جئنا انا وعمار لنطمئن عليكِ …”
إبتسمت غالية وهي تشكرها :-
” شكرا لكما …”
نظر لها عمار متأملا رجوعها الى طبيعتها بسرعة رغم شبه تيقنه من كونها تمثل قليلا فلا يمكن أن تكون تجاوزت ما حدث البارحة بهذه السرعة ..
لم يتفاجئ بما رآه فهذه طبيعة غالية …
لا تظهر ضعفها أبدا ولا تسمح لأي شخص أن يشعر بخوفها أو يشهد إنهيارها ..
رغم كل شيء كانت دائما ما تثير إعجابه بقوتها الغير مصطنعة وثقتها بنفسها وكبريائها العالي ..
كانت قوية بما يكفي لتقف في وجه جيش كامل وتهزمه ..
قوتها مع كبريائها وإعتدادها بنفسها يصنعان مزيجا مميزا جعلها تمتلك سحرا خاصا بها …
سحرا يذكره بأخرى كانت تشبهها في كل شيء …
القوة والكبرياء …
والدته الحبيبة ..
كانت غالية تشبه والدته في شخصيتها بشدة وربما هذا سبب تعلق والده الشديد بها …
فالفتاة كانت تشبه زوجته الأولى وحب حياته في كل شيء ….
كانت تمتلك نفس الصفات التي تمتلكها ديانا …
ربما هذا ما جعله أيضا يبتعد عن طريقها ولا يدخلها ضمن دائرة إنتقامها لإنها بشكل أو بآخر كانت تذكره بوالدته الحبيبة ..
تأملها مليا وهو يبتسم داخله ساخرا متذكرا حديث والده ذات مرة عندما أخبره إن غالية شبيهة والدته والنسخة المصغرة منها حينها إنتفض غاضبا مرددا إنه لا أحد يشبه والدته ولا يمكن لا لغالية أو غيرها أن تكون مثلها أو تحل محلها فأجابه والده بهدوء :-

 

” لا أحد يمكنه أن يحل محل غيره يا بني .. ديانا واحدة لا يوجد غيرها .. لكن غالية تشببها .. لا يمكنك أن تنكر هذا .. كلما أنظر إليها أرى فيها شموخ والدتك وقوتها وكبريائها المذهل .. أنت نفسك تشعر بهذا .. أنا متأكد من ذلك..”
نعم هو كان يشعر بهدا لدرجة إنه كان يتسائل كيف لفتاة مثل غالية أن تكون إبنة لصباح …؟!
كيف تنجب إمرأة ضعيفة عديمة الكرامة مثيرة للشفقة فتاة بكل هذه القوة والكبرياء ..؟!
تذكر حديث والده وهو يخبره ذات مرة بسخرية مريرة :-
” يبدو إن غالية ورثت صفات والدتك بسبب حبي الشديد لها… هل تظن إن الوراثة من الممكن أن تحدث بسبب قوة المشاعر ..؟! ربما هي طفرة وراثية ..”
تنفس بضيق قبل أن ينحي أفكاره جانبا وهو يخبر غالية :-
” هل يمكننا التحدث على إنفراد قليلا ..؟!”
هزت غالية رأسها بهدوء فنهض من مكانه ونهضت هي بدورها تتبعه ..
بعد لحظات وقفت أمامه في غرفة مكتب والدها الراحل يسألها هو بهدوء :-
” إذا ، ألن تخبريني عما حدث …؟!”
ردت بنفس الهدوء :-
” ماذا تريد أن تعرف ..؟!”

 

سألها بجدية :-
” من خطفك يا غالية ولماذا ..؟!”
ردت كاذبة :-
” أخبرتك إنه قاطع طريق ..، ”
قاطها بضيق :-
” هذا الكلام الأبله يمكنكِ أن تقوليه أمام أمك .. لكن أنا بالطبع لن أصدق هذه السخافات ..”
هتفت بقوة :-
” ولكن هذا ما حدث ..”
قال بتحدي :-
” كاذبة .. الخطف هذا كان متعمد .. أخبريني هيا .. من فعلها ..؟! ”
قالت بعناد :-
” لا يوجد شيء كهذا يا عمار .. انت تتوهم …”
قال وهو يتقدم نحوها :-
” بل يوجد .. ”
أكمل بقليل من العصبية :-
” من فعلها يا غالية ..؟! انت يجب أن تتحدثي .. ”
قاطعته بتجهم :-
” لقد تحدثت بالفعل …”

 

زفر أنفاسه مرددا بتحذير :-
” للمرة الأخيرة يا غالية .. قولي من فعل هذا بالحسنى بدلا من ..”
هدرت به :-
” ماذا ستفعل ..؟! هل ستجبريني على قول شيء لم يحدث …؟!”
قال من بين أسنانه :-
” انت تعرفين إنه حدث يا غالية …”
” ماذا تريد يا عمار ..؟!”
سألته بتعب واضح وهي التي لم تتخطَ آثار صدمة ما حدث بعد ليسألها بوضوح ودون تمهل :-
” من فعلها ..؟!”
تجمدت ملامحها وعيناه تتوهجان بقتامة مضيفا :
” من الذي تجرأ وخطفك ..؟!”
ردت بخفوت :-
” ما شأنك انت ..؟!”
ضرب على سطح الطاولة جانبه يصرخ بحدة :-
” أجيبي على سؤالي ..”
نهضت من مكانها تصيح به بتحذير حازم :-

 

” لا تصرخ علي ..”
أكملت بقوة :-
” الذي فعلها هو شخص يشبهك .. معدوم الضمير والإنسانية .. شخص لا يتوانى عن إيذاء من حوله بلا ذنب فقط لأجل إرضاء غروره وغريزته الإنتقامية ..”
تجاهل كلماتها وهو يسألها بقتامة :-
” فراس الطائي …؟!”
نظرت له دون رد ليظهر اليقين في عينيه وهو يردد بصوت هادئ لكنه جامد بشكل مخيف :-
” كنت أعلم …”
لمعت عيناه بشراسة مخيفة وهو يهدر قبل مغادرته الغرفة مندفعا :-
” لقد عبث مع الشخص الخاطئ … لا بأس لينال عقابه الذي يستحقه …”
رمقته بنظرات ساخرة وهي تردد :-
” الآن تذكرت أن تهتم بأمري يا عمار مع إنني أشك إنك تفعل هذا حبا فيي …”
أكملت والألم عاد يجثم فوق روحها :-
” هل شعرت بالخوف علي حقا يا عمار أم إن غرورك الذي لا يتقبل أن يمس شخصا ما أحدا يخصك هو من يجعلك غاضبا متوعدا لهذه الدرجة ..؟؟”
………:…:…………………………………….
بعد مرور يومين ..
وقفت أمام المرآة تتأمل ملامحها المتعبة بشدة …
طوال الأيام السابقة لم تستطع النوم ..
طوال الليل تفكر وتتذكر ما سمعته بل ورأته بأم عينيها …

 

ورغم هذا لا تصدق ..
ليست مريم من تفعل هذا ..
لا يمكن أن يكون ما رأته صحيح …
جلست على الكرسي الموضوع أمام طاولة التجميل حيث أحنت رأسها نحو الأسفل وهي تضع وجهها بين كفيها …
تشعر إنها ستنهار في أي لحظة …
حقا ستنهار وما من منقذ لها …
لمَ عليها أن تتحمل كل هذا ..؟!
لم يحدث كل هذا معها من الأساس ..؟!
رفعت وجهها الحزين بسرعة عندما وجدت باب الغرفة تندفع ومريم تطل منها مرددة بعصبية :-
” تلك المرأة .. ستأتي بعد قليل …”
ردت ليلى بصوت باهت وهي تحمل قنينة عطرها الثمينة وترش منها فوق عنقها والجزء العلوي من جسدها :-
” أعلم ذلك ..”
سألتها مريم وهي تقف جانبها عاقدة ذراعيها أمام صدرها :-
” ماذا سيحدث الآن ..؟!”
ردت ليلى بإقتضاب :-
” لا أعلم ..”
ثم نهضت من مكانها تهم بالخروج عندما أوقفتها مريم تسألها بإهتمام :-
” هل أنت بخير ..؟!”
نظرت ليلى نحوها للحظات تتفحصها وقد بدت هي الأخرى مرهقة جدا والإرهاق يظهر بوضوح على ملامحها عندما أجابتها أخيرا :-
” كلا ، لست بخير ..”
سألتها مريم بلهفة :-
” لماذا ..؟! ماذا حدث ..؟!”
همت ليلى أن تخبرها عن سبب تعبها وأرقها لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة ..
تنفست بعمق ثم قالت :-
” ليس مهما …. لدينا شيء مهم الآن …”
قالت مريم بإنزعاج وقد تذكرت السبب الذي جائت بسببه أساسا :-

 

” معك حق .. بخصوص تلك المرأة .. ماذا سيحدث الآن وكيف ستسمحان لها بالدخول هنا مجددا …؟!”
أجابت ليلى بحيادية :-
” اليوم سينتهي كل شيء يا مريم .. اطمئني ..”
همت بالتحرك مجددا عندما أوقفتها مريم مرك أخرى تسألها بإصرار :-
” ماذا سيحدث يعني ..؟!”
ردت ليلى وهي بالكاد تسيطر على أعصابها :-
” سيحدث كل خير يا مريم .. اطمئني ..”
ثم غادرت الغرفة وإتجهت نحو درجات السلم حيث هبطت فوقها تتجه نحو الطابق السفلي ..
هناك قابلت زوجة والدها السابقة وهي تدلف الى الداخل فتبادلتا النظرات الكارهة عندما تابعتها ليلى وهي تسير بجانب الخادمة نحو صالة الجلوس فتبعتها على مضض لتجد والدها هناك يتأمل طليقته التي تجلس قباله على مضض عندما قالت سهام وهي تتأمل دخول ليلى بإمتعاض :-
” ماذا تفعل إبنتك هنا يا أحمد ..؟؟ نحن نناقش أمر خاص يهمنا .. ”
رد أحمد ببرود :-
” أنا من طلبت منها حضور هذه الجلسة التي سننهي بها كل شيء ..”
تأملته سهام بغيظ وهو يضغط على جملته الأخيرة عندما سألته :-
” جيد… كيف سننهي كل شيء إذا …؟!”
هتف أحمد بجدية:-
” للمرة الأخيرة يا سهام … هل تريدين أن تستعيدي طفلك ..؟! ”
ردت بجدية :-
” نعم ولكن بشرط … أن تمنحه حقه بثروتك كاملا …”
قال أحمد بجمود :-
” لم أمت بعد لتطالبي بميراثه يا سهام …”
قالت سهام وهي تتطلع نحو ليلى بقوة وحقد :-
” أنت تعلم لماذا أطلب هذا …؟! أنت من منحت إبنتيك كل شيء … وتركت ولدي والطفل القادم بلا أي شيء …”
تنهد أحمد ثم قال :-
” إنظري يا سهام .. انا وأنتِ إنتهينا .. لقد طلقتك وإنتهى الأمر ..”

 

سألته بوجوم :-
” إذا أنت مصر على الإنفصال …”
رد بثقة :-
” نحن إنفصلنا أساسا ونهائيا ولا رجعة عن ذلك …”
” كنت أظن إنني أمتلك قليلا من الغلاوة في قلبك يا أحمد ..”
قالتها بحزن ليرد ببرود :-
” كفى كذبا يا سهام .. كلانا تزوج الأخر لمصلحة محددة .. أنا تزوجتك لأجل الصبي وأنتِ تزوجتني لأجل مركزي وأموالي لذا لا تتطرقي الى شيء لا وجود له ولا تلعبي دور الضحية ..”
سألته بحنق :-
” مالذي تريده الآن يا أحمد ..؟!”
رد أحمد بجدية:-
” القرار لك … أنت أخبريني .. أنتِ قرري .. ابنك في الطابق العلوي .. هل تريدينه ..؟!”
ردت بجفاء :-
” أريده ومعه حقه من ميراثك …”
تشنجت ملامح ليلى وشعرت برغبة في الصراخ بها عندما قال والدها بحيادية :-
” وإذا رفضت شرطك … ”
ردت بقوة :-
” فليبقى عندك حينها …”
تجهمت ملامحه دون رد عندما إنتفضت ليلى وهي تصيح بإنفعال :-
” إنه طفلك .. كيف يمكنكِ أن تتركيه ..؟! كيف تستطيعين التخلي عنه بهذه البساطة ..؟! ألستِ أم ..؟! ألا تمتلكين ولو قليلا من مشاعر الأمومة ..؟!”

 

ردت سهام ببرود :-
” لإنني أم أفعل ذلك .. لإنني أريد مصلحة طفلي .. طالما والده سيحرمه من حقه فليبقى عنده ويتحمل كافة مسؤولياته …”
قال أحمد بحدة :-
” انا دائما وأبدا سأتحمل مسؤوليته هو وشقيقه القادم أو شقيقته القادمة .. سواء كان معي أو معكِ ..”
قالت ليلى بعدم تصديق :-
” هل هذا هو مبررك حقا ..؟! تتخلين عنه بحجة حماية حقه ..؟! إنه طفل صغير .. يحتاجك يا هذه .. إفهمي هذا ..”
انتفضت سهام من مكانها تصيح بها :-
” هيا أكملي .. أحسنتِ حقا .. قولي المزيد من الكلام .. أظهريني بشكل سيء أمام والدك وعززي من شعور السيء هذا نحوي …”
” سهام …”
قالها أحمد بحزم قبل أن يضيف بصرامة :-
” سننهي هذه المهزلة حالا ..”
أكمل وعيناه تنظران لها بقوة :-
” ماذا ستفعلين إذا منحتك حق ولدك والطفل القادم..؟!”
ردت سهام وهي ترميه بنظراتها:-
” في هذه الحالة سأخذ الطفلين … لكن أريد ما يضمن حقهما كاملا .. ”
ابتسم بخفة قبل أن يسحب ظرفا كان يضعه على الطاولة ثم يفتحه ويأخذ منه ورقة يقدمها لها بينما ليلى تتابع ما يحدث بحيرة عندما سألته سهام بحذر :-
” ما هذه الورقة ..؟!”
رد بجدية :-

 

” هذه الورقة تحمل حق إبنك والطفل القادم من ميراثي …”
أخذت الورقة بسعادة قبل أن تجده يضيف وهو يخرج ورقة أخرى من الظرف :-
” ولكن مقابل حصولك على حق ولديك ستوقعين على هذه الورقة …”
سألته بتعجب :-
” وما هذه الورقة أيضا ..؟!”
رد وهو يبتسم بمكر :-
“‘حق التنازل عن وصاية إدارة أملاك الطفلين لي حتى يبلغان السن القانوني … سيبقيان عندك ومعك ورقة تضمن لهما حقوقهما في أملاكي كاملة بعد وفاتي بشرط ألا يحق لك أن تتصرفي بأي شيء من حقهما حتى يبلغان السن القانوني ويتصرفان هما بما يملكان ….”
نظرت إليه بعدم إستيعاب بينما إبتسم هو بهدوء مظهرا عدم الإهتمام لردة فعلها رغم إن داخله يتمنى أن توافق ..
…………………………………………………………..
خرج فادي من المشفى وهو يشعر بقليل من الإطمئنان ..
لقد إنتهى من نقل فرحة أو منى كما تبين الى مشفى آخر وقد أخبره الطبيب إن وضعها بدأ يتحسن قليلا وهناك أمل أن تستيقظ …
دعا ربه أن تصبح بخير فهو لن يتحمل أن يكون سببا في فقدان شخص لحياته حتى لو بدون قصد …
أخرج هاتفه من جيبه وقرر مهاتفتها ….

 

لحظات قليلة وجاء صوتها الهادئ يحييه فسألها بعدما رد تحيتها :-
” كيف حالك …؟!”
ردت بخفوت :-
” انا بخير الحمد لله …”
أكملت وهي تسأله بدورها :-
” وأنت ..؟! يعني ماذا حدث …؟! هل كل شيء بخير ..؟!”
رد وهو يأخذ نفسا عميقا :-
” أريد أن تطمئني .. كل شيء سيكون بخير .. ”
هتفت بعفوية :-
” حقا يا فادي ..”
ابتسم لا إراديا وهو يسمعها تنطق إسمه بهذه العفوية ليرد مؤكدا :-
” حقا .. أريدك أن تطمئني كليا .. أعدك إن كل شيء سيصبح بأفضل حال ..”
تمتمت برجاء :-
” اتمنى هذا حقا …”
قال بجدية وهو ينظر الى المشفى خلفه :-
” هناك خبر جيد نوعا ما ..”
سألته بإهتمام :-
” ماذا حدث …؟!”
رد يخبرها :-
” لقد تم نقل فرحة الى احدى أكبر المستشفيات في البلاد وبدأ أحد أشهر الأخصائين في علاجها وقد أخبرني مبدئيا إن هناك أمل أن تصبح بخير ..”
هتفت بسعادة جلية :-
” حقا ..؟!”
قال بجدية :-
” نعم ، لقد كنت عنده وتحدثت معه قبل قليل …”
” اتمنى ذلك حقا … ”
قالتها بصدق قبل أن تضيف :-
” أنا آسفة لإنني نسيت أمر المشفى و ..”

 

قاطعها بجدية :-
” لا تعتذري أبدا .. انت كنت تمرين بوضع صعب قليلا ومن الطبيعي ألا تتذكري هذا وعلى العموم أنا تصرفت ..”
قال تؤنب نفسها :-
” لكن فرحة مسؤوليتي كما هي مسؤوليتك …”
قاطعها بجدية :-
” منى ..!”
همست بتعجب :-
” عفوا …!!”
ليبتسم شارحا :-
” إسمها منى …. إسمها الحقيقي يعني ..”
هتفت بذهول :-
” قالت لي إن إسمها فرحة …”
قال بجدية :-
” هذا إسمها المستعار في عملها ..”
قالت بسرعة :-
” حسنا فهمت …”
هتف بجدية :-
” حسنا … يجب أن أغلق الآن ..”
قاطعته تقول :-
” توقف لحظة …”
سأد بإستغراب :-
” ماذا حدث …؟!”
قالت بسرعة :-
” لقد نسيت قول أهم شيء..”
عقد حاحبيه يتسائل :-
” أي شيء ..؟!”
هتفت تشكره بصدق :-
” أشكرك حقا على ما فعلته .. أنت أنقذتني من مصيبة كبيرة ..”
رد بجدية :-
” لا تشكرينني يا غالية … انا بشكل ما كنت مسؤولا عما أصاب فرحة وأصابك لذا من أبسط واجباتي أن أصلح ما أفسدته حتى لو دون قصد …”
همست بجدية :-
” وانا ايضا كنت مسؤولة بشكل ما عما حدث .. تصرفت بشكل خاطئ …”
قال بجدية :-

 

” هذا الكلام لم يعد مفيد لأيا منا .. المهم ما هو قادم .. ”
تمتمت برقة :-
” صحيح …”
أضافت بجدية :
” حسنا إذا .. لا أريد تعطيلك أكثر عن أعمالك …”
ابتسم يردد :-
” نتواصل لاحقا .. مع السلامة يا غالية …”
أغلق الهاتف بعدها واتجه نحو سيارته يركبها ويتوجه الى مشفى آخر حيث يوجد شقيقه ..!!
وصل الى هناك وهبط من السيارة بعدما ركنها في كراج المشفى ثم دلف الى المشفى ومنه الى الطابق الذي توجد به غرفة شقيقه ..
دلف الى الغرفة التي يمكث بها شقيقة فرفع فراس وجهه بملامحه الحادة نحوه فيبتسم فادي مرددا بتشفي :-
” كيف حالك اليوم …؟”
سأله بصوت محتقن غضبا :-
” ماذا تريد يا فادي ..؟!”
تقدم فادي نحوه مرردا ببرود :-
” فرحة إستيقظت يا فراس … كتب الله لها عمرا جديدا ..”
لوى فراس فمه مرددا :-
” حقا ..؟! الحمد لله على سلامتها …”
سحب فادي كرسيا موضوع جانبا وجلس جانب أخيه مرددا بتهكم :-
” شكرا يا فراس …”

 

أضاف وعيناه تلمعان بمكر :-
” اليوم نتحمد على سلامتها وغدا نبارك لها … ”
لم يهتم فراس بما قاله فكان غضبه من شقيقه يعميه عن أي شيء آخر عندما سأله فادي مجددا:-
” ألن تسألني علام سنبارك لها ..؟!”
سأله فراس بنفاذ صبر :-
” علام مثلا …؟! ”
أجاب فادي ببرود :-
” على زواجها …”
هنف فراس ساخرا :-
” حقا ..؟؟ ومن ذلك المجنون الذي سيتزوج واحدة مثلها …”
تقابلت نظرات الشقيقين عندما إنتفض فراس من مكانه متجاهلا نظرات شقيقه الثابتة :-
” مستحيل … مستحيل أن يحدث هذا حتى في أحلامك يا فادي …”
لكن فادي لم يهتز للحظة وهو يقول بحزم وثقة :-
” ستوافق يا شقيقي العزيز .. مجبرا لا مخيرا …!”
……….:………………………………………………
خرجت من جامعتها تسير على مهل عندما وجدته يقف أمامه فنظرت إليه بدهشة عندما حياها بخفة وهو يتقدم نحوها ..
قال وهو يقف أمامها :-
” مساء الخير ..”
ردت هدوء :-
” مساء النور ..”
سألها بجدية :-
” هل يمكننا التحدث يا حياة ..؟!”
أجابت رغم ضعفها الشديد :-
” حسنا ..”
سارت بجانبه وركبت سيارته حيث سار بها نحو أحد الشواطئ ركن سيارته على الجانب وهبط منها فتأملته للحظات وهو يستند على السيارة قبل أن تهبط وتتجه نحوه حيث وقفت جانبه وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ..
سألها دون أن ينظر لها :-
” متى ستعودين الى الشقة ..؟!”
ردت وهي بدورها تنظر أمامها :-

 

” للأسف .. من الصعب جدا أن أعود مجددا يا نديم…”
سألها وهو ما زال ينظر أمامه :-
” لهذه الدرجة صعب ..؟!”
أجابت بصوت مبحوح :-
” هذا الأفضل لكلينا ..”
صحح هازئا :-
” إنه الأفضل لك انت وحدك .. لا تجمعينا من فضلك ..”
إلتفتت نحوه تردد بجدية :-
” ربما الآن تعتقد هذا لكن مستقبلا ستدرك صحة ذلك …”
إلتفت نحوها يردد بتهكم :-
” بالطبع ، لإن دائما ما تقوله حياة صحيح .. لإن حياة لا تخطئ..”
همست بتحشرج :-
” لماذا تتحدث هكذا ..؟!”
إلتوى جانب فمه وهو يردد :-
” وكيف تريدينني أن أتحدث يا حياة ..؟!”
كان ممتلئ من الغضب والضيق والتعب …
طوال يومين لم ينم لحظة واحدة ..
يومان قضاهما يسأل نفسه مرارا عن خطئه ..؟! عما فعله بها ..؟! وكيف آذاها ..؟!
يومان يلوم نفسه ويعاتبها …
يومان يبحث فيها عن سببا منطقيا يجعلها تنأى بنفسها عنه بهذا الشكل ..
فيم أخطأ ليحدث معه كل هذا ..؟!
فيمَ أخطأ هي معها تحديدا لتفعل به ما فعلته …؟!
لتعذبه بهذه الطريقة وتؤلمه هكذا ..؟!
سألها وقد خرج سؤاله من خضم أفكاره :-
” فيم أخطأت أنا يا حياة…؟! مالذي فعلته بك يجعلك تصرين على هجراني ..؟!”
ردت بوجع :-
” أنت لم تخطئ يا نديم .. ”
هتف معاندا :-
” كلا ، انا أخطأت ولكنني لا أعرف أين خطئي …”

 

أكمل برجاء :-
” أخبريني أنت .. مالذي فعلته وجعلك تتصرفين هكذا ..؟!”
قاطعته بترفق :-
” لم تفعل أي شيء .. انت حقا لم تؤذني …”
صاح بطريقة جعلتها تنتفض فزعا :-
” كاذبة …”
أكمل وهو يقبض على ذراعها بقوة :-
” انت تكذبين … ”
هزت رأسها نفيا وهي تجاهد للسيطرة على دموعها فيكمل بأنفاس لاهثة :-
” مالذي يجعلك تريدين الإنفصال عني بأي شكل ..؟! أخبريني هيا .. هل آلمتك .. ؟! هل جرحتك … ؟! تحدثي ..”
كان يسألها بنفاد صبر لتتساقط دموعها وهي تردد :-
” لم تفعل أي شيء ..”
صرخ بتعب :-
” لماذا تفعلين هذا إذا …”
أكمل بعدم إستيعاب :-
” أنا بسببك وبسبب ما تفعلينه أصبحت أشعر إنني مذنب دون أن أدرك فيمَ أذنبت .. منذ بداية زواجنا وأنا أعايش تقلب أحوالك .. تعاستك المستمرة .. هجرانك لي بين حين وآخر .. وفي كل مرة أبحث عن خطئي .. أفتش عن ذنبي … أحاول أن أفهم لماذا يحدث هذا معنا .. لماذا تتصرفين معي هكذا فلا أجد جوابا ..؟!”
كان يشعر إنه فقد السيطرة على نفسه كليا ..!
لقد فقد صوابه تماما …
الفترة السابقة ضغطته تماما …
لم تمنحه الفرصة للتمتع قليلا حتى …
وهو لم يعد يمتلك طاقة لمجابهة المزيد من الآلام والمشاكل ..
لقد إكتفى حقا بما عايشه حتى الآن ..
ربما الخلل فيه .. ربما هو أمر خارج عن إرادته ..
هكذا أخبر نفسه وأقنعها ..
ربما هو رجل لا يستطيع أن يسعد إمرأته .. أن يمنحها ما تحتاجه ..
قال بصوت معذب قبل أن يشيح بوجهه جانبا :-
” بسببك أصبحت أبحث عن نواقصي يا حياة …”
” نديم …!”
همستها بنبرة معذبة قبل أن تضيف :-
” انت أبدا لم تكن ناقصا … على العكس تماما .. أنت رجل بك كل الصفات التي تجعل أي إمرأة تعشقك … أساسا أنا عشقتك بسبب هذا .. كونك رجلا صادقا وشجاعا ومحترما و ..”

 

قاطعها يلتفت نحوها بسخرية :-
” ولهذا تريدين تركي ، أليس كذلك ..؟!”
ردت وهي تمسح وجهها بكفيها :-
” أنت تعلم لماذا أريد تركك …”
أضافت وهي تنظر له بشجاعة :-
” انت لم تحبني يوما ولن تفعل .. هذا هو السبب الوحيد صدقني .. ”
أضافت وهي تلمس ذراعه بحنو :-
” انت شخص رائع يا نديم .. وأنا أحببتك لدرجة لا يمكنك تخيلها .. أحببتك لدرجة تجعلني عاجزة عن الإستمرار معك وأنا لا أجد مردود لمشاعري عندك … سامحني يا نديم .. الذنب ذنبي وليس ذنبك … انا من لم أستطع الإستمرار بهذه الطريقة .. انا من فشلت في مهمتي … انا من عجزت عن تقبل الحقيقة بكل ما فيها ..
نديم أنا أحبك وأنت ستبقى الرجل الأكثر كمالا في نظري لكن الأمر خارج عن إرادتي .. صدقني ..”
أكملت وهي تأخذ نفسا عميقا :-
“لا تتحمل ذنب شيء لا دخل لك به .. الإنسان يمكنه التحكم بأي شيء وتسيير أي شيء بالطريقة التي يرغبها بإستثناء مشاعره .. مشاعرك كانت وستظل خارج إرادتك لذا لا تلم نفسك مهما حدث ..”
صمت طويل دار بينهما ..
صمت قطعه وهو يردد أخيرا بجمود :-
” أنت أكثر شخص أناني رأيته يا حياة …!!”
إبتلعت غصتها داخل حلقها وهي تردد بعينين تجمدت العبرات فيهما :-
” أنا ..”
هتف وقد فقد صبره الذي طال كثيرا بسببها :-
” نعم أنتِ …”
أكمل وعيناه تنظران إلى عينيها بقوة ومشاعر مكبوتة طافت الى السطح :-
” أنتِ لا تفكرين سوى بنفسك .. ولا تهتمين سوى برغباتك … ”
تقدم نحوها يقبض على ذراعيها يصيح بإتهام مرعب :-

 

” لقد منحتني كل شيء عندما أردتِ ذلك ثم ما لبثتِ أن أخذتِ مجددا كل ما منحتيه .. لماذا ..؟! لإن هذا الأفضل لك … لإن هذا هو الصحيح بالنسبة لك … أنتِ ترين الأمور من وجهة نظرة فقط و تفعلين الأشياء التي ترضيكِ أنت فقط .. ”
أكمل وهو يضاعف من ضغط قبضته على ذراعها متجاهلا دموعها التي هطلت بغزارة من مقلتيها :-
” المحب بصدق لا يتخلى عمن يحبه .. لا يبحث عن مقابل لعطائه … المحب بحق لا يستغل حبه ومشاعره في التحكم بمن يحبه ويتخذ من تلك المشاعر ورقة ضغط عليه …”
همست بصعوبة وقد شعرت إن الكلمات توقفت داخل حلقها :-
” طالما إنني بهذه الأنانية والسوء ، لماذا لا تطلقني ..؟! مالذي يجبرك على البقاء مع واحدة مثلي ….؟!”
هتف بتصميم ظهر داخل عينيه :-
” وهذا ما سيحدث والآن .. سأطلقك يا حياة .. سينتهي كل هذا .. سأحررك من هذه الزيجة التي تسبب لك الألم والتعاسة … ”
أخذ نفسا عميقا ثم ما لبث أن نطقها وهو يشعر بها تحرق لسانه بل روحه :-
” انت طالق يا حياة …”
كتمت شهقة ألم كادت أن تخرج منها بينما إنسحب هو بسرعة من أمامها بعدما أسدل الستار على قصتهما …
هذا ما أرادته وها هو منحها ما تريده ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حبيسة قلبه المظلم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى